عندما يُطرح سؤالٌ مثل "من اخترع الكهرباء؟" نحتاج لإجابة هذا السؤال أن نوضِّح أنّ الكهرباء لم يتم اختراعها، وإنّما تم اكتشاف وجودها؛ فهي شكل من أشكال الطّاقة التي احتاج البشر للكثير من الوقت لاكتشاف وجودها في الطّبيعة، القصة الحقيقية لاكتشاف الكهرباء قصةٌ معقدةٌ، بدأت أول فصولها في عام (600) قبل الميلاد تقريباً، عندما اكتشف الإغريق أنّ الكهرمان (العنبر) يمكن شحنه عند فركه بالفرو، وهو ما يُعرف بالكهرباء السّاكنة، وفي عام (1600) ابتكر الطّبيب الإنجليزي ويليام جيلبرت (William Gilbert) الذي يُسمّى (أبو الكهرباء الحديثة) كلمة "electricus" وهي المرادف اللاتيني لكلمة "كهرمان" لوصف القوى التي تظهر في المواد عند حكها ببعضها، وقد ظهرت الكلمة "electricity" لأول مرةٍ بعد ذلك بعدة سنوات عندما استخدمها العالم الإنجليزي توماس براون (Thomas Browne) في كتبه التي ألّفها بعد دراسته لأبحاث جيلبرت، وفي عام (1660) اخترع العالم أوتو فون غيريكه (Otto von Guericke) ماكينة لتوليد الكهرباء السّاكنة، جاء بعده العالم فرانسيس هوكسبي (Francis Hauksbee) الذي اخترع مولّداََ محسّناََ للكهرباء السّاكنة، وجاء بعد ذلك العالم روبرت بويل (Robert Boyle) الذي اكتشف وجود قوى التّنافر جنباً إلى جنب مع قوى التّجاذب، وأنّ الكهرباء تنتقل في الفراغ، ثم جاء العالم ستيفن غراي (Stephen Gray) الذي أجرى العديد من التّجارب التي أثبت من خلالها وجود موادّ موصلةٍ للكهرباء، ومواد أخرى غير موصلة، وميّز العالم شارل دو فاي (Charles F du Fay) بين نوعين من الكهرباء، الأمر الذي مهّد لظهور مفهوم "الموجب" و"السالب" للشحنات الكَهرَبائيّة التي وضعها بنيامين فرانكلين لاحقاً. في عام (1745) اخترع بيتر فان موشنبروك (Pieter van Musschenbroek) قارورة، أو جرة ليدن (بالإنجلزية: Leyden jar) وهي القارورة التي تخزّن الكهرباء السّاكنة وتكثّفها، وفي عام (1747) تمكّن العالم وليام واطسون (William Watson) من تفريغ الكهرباء السّاكنة من قارورة ليدن، وفيما بعد ظهر مفهوم الكهرباء الكميّة نتيجة الجهود الحثيثة لبعض العلماء، مثل هنري كافنديش (Henry Cavendish) الذي تمكّن من دراسة موصليّة المواد والمقارنة بينها، والعالم تشارل دي كولوم (Charles de Coulomb) الذي اكتشف القانون المتعلق بقوى الجذب بين الجسيمات المكهربة.[٢][٣]
في عام (1752)م، أجرى العالم بنجامين فرانكلين (Benjamin Franklin) تجربته الشّهيرة باستخدام طائرةٍ ورقيّةٍ، ومفتاحٍ أثناء عاصفةٍ، تمكّن من خلالها من إثبات أنّ هناك علاقة بين البرق، والكهرباء، ثم ظهر المزيد من الاهتمام بالتّيار الكَهرَبائيّ عندما لاحظ العالم لويجي جلفاني (Luigi Galvani) أنّ أرجل الضفدع تتحرك نتيجة تفريغ الكهرباء السّاكنة، فافترض خاطئاً أنّ ساق الضفدع تولِّد الكهرباء، إلا أنّ العالم أليساندرو فولتا (Alessandro Volta) كان يعتقد بخلاف ذلك، وقام باختراع أول بطاريةٍ تُنتج تياراً كَهرَبائيّاً ثابتاً كدليلٍ على أنّ التّيار الكَهرَبائيّ يتولد كيميائياً، ممهداً الطريق للعالم جورج سيمون أوم (Georg Ohm) الذي أوجد العلاقة بين الجهد، والمقاومة في الدّارة الكَهرَبائيّة، وهو ما يُعرف حاليا بقانون أوم، وكذلك للعالم جيمس بريسكوت جول (James Prescott Joule) الذي اكتشف قانون التّسخين في الموصل الكَهرَبائيّ، والعالم غوستاف روبرت كيرشوف (Gustav Robert Kirchhoff) الذي وضع قوانين جمع كل من التّيار الكهربائي، والجهد الكَهرَبائيّ، وهي القوانين الأساسيّة في الدّارات الكَهرَبائيّة.[٢][٣]
في عام (1819) اكتشف هانز كريستيان أورستد (Hans Christian Ørsted) أنّ مجالاً مغناطيسياً يتولّد حول سلكٍ إذا ما مُرّر في هذا السّلك تيارٌ كَهرَبائيٌّ، وقد استفاد العالم الفرنسي أندريه ماري أمبير (André-Marie Ampère) من النّتائج التي توصل إليها أورستد، وتمكّن في عام (1873) من وضع العديد من القوانين الكهرومغناطيسيّة، وتوصل فرانسوا أراغو (François Arago) لاختراع المغناطيس الكَهرَبائيّ، بعد ذلك جاء مايكل فاراداي (Michael Faraday) الذي كان أول من تمكّن من تمرير تيار كَهرَبائيّ خلال الأسلاك، ومهّد باختراعه للأجهزة الكهرومغناطيسيّة لبداية تكنولوجيا المولدات الكَهرَبائيّة، حيث اعتمد هيبوليت بيكسي (Hippolyte Pixii) على نموذج فاراداي لتصنيع مولد كَهرَبائيّ يُدار باليد، وفتح هذا الباب أمام كل من توماس إديسون (Thomas Edison) الأمريكي والعالم البريطاني جوزيف سوان (Joseph Swan) لاختراع المصباح المتوهج حوالي عام (1878). وقد أسّس كل من سوان، وإديسون في ما بعد شركة مشتركة لإنتاج أول مصباح متوهّج، وتمكّنا من إضاءة أول مصابيح الشّوارع الكَهرَبائيّة في نيويورك في سبتمبر من عام (1882). في وقتِِ لاحقٍ تمكّن الأمريكي الصّربي نيكولا تيسلا (Nikola Tesla) من تصميم نظام التّيار المتردّد الرئيسي مساهماً بذلك في ولادة الكهرباء التي تُستخدم لأغراضٍ تجاريّةٍ.[٢][٣]
جهود العلماء في تطوير الكهرباءعند سرد قصة اكتشاف الكهرباء يجب ألّا ننسى جهود العديد من العلماء، مثل: العالم جيمس كليرك ماكسويل (James Clerk Maxwell) الذي تنبّأ بوجود موجاتٍ كهرومغناطيسيّة تسير بسرعة الضّوء، والعالم هاينريش هيرتز(Heinrich Hertz) الذي أكّد هذا التنبؤ عملياً، ومهّد لاختراع الراديو عام (1895) على يد العالم ماكروني (Marconi)، والعالم جوزيف جون طومسون (Joseph John Thomson) الذي اكتشف الإلكترون، وآرنست رثرفورد (Ernest R. Rutherford) وفريق عمله الذي تمكّن من معرفة توزيع الشحنات الكَهرَبائيّة داخل الذَّرّة، والعالم روبرت ميليكان (Robert Millikan) الذي قاس شحنة الإلكترون عام (1913). وهكذا لم يكن مجرد شخص واحد هو الذي اكتشف الكهرباء، بل كان هناك العديد من العقول العظيمة التي ساهمت في أن نستمتع اليوم بكل ما توفره لنا الكهرباء من رفاهيّة.[٢][٣]
المراجعالمقالات المتعلقة بمن اخترع الكهرباء